قرر وزير الأمن في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بيني غانتس، احتجاز جثمان الشهيد ناصر أبو حميد، وعدم تسليمه لعائلته، وفق بيان صدر عنه، اليوم الأربعاء؛ ليصل بذلك عدد الشهداء الأسرى، المحتجزة جثامينهم إلى 11، فيما أدانت فصائل فلسطينية ومؤسسات الأسرى، القرار، في بيانات منفصلة صدرت عنها.
واستشهد الأسير أبو حميد، وهو من مخيم الأمعري، في مشفى “أساف هروفيه”، أمس الثلاثاء، من جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى، ليرتفع عدد الشهداء الأسرى، الذين استشهدوا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة سياسة الإهمال الطبي، التي تنتهجها سلطات الاحتلال، إلى 74 أسيرا، منذ عام 1967.
وبدأت الحالة الصحية للأسير أبو حميد بالتدهور بشكل واضح منذ شهر آب/ أغسطس 2021، حيث بدأ يعاني من آلام في صدره إلى أن تبين بأنه مصاب بورم في الرئة، وتمت إزالته وإزالة قرابة 10 سم من محيط الورم، ليُعاد نقله إلى سجن “عسقلان”، ما أوصله لهذه المرحلة الخطيرة، ولاحقا وبعد إقرار الأطباء بضرورة أخذ العلاج الكيميائي، تعرض مجددا لمماطلة متعمدة في تقديم العلاج اللازم له، إلى أن بدأ مؤخرا بتلقيه، بعد انتشار المرض في جسده.
وقال غانتس إنه “بعد تقييم للوضع، وبناء على توصية جهات أمنية، تقرر احتجاز جثمان (الشهيد) ناصر أبو حميد، تماشيامع قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، باحتجاز الجثامين، لغرض إعادة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين”.
وبحسب نادي الأسير فإن نحو 600 أسير مريض في سجون الاحتلال ممن تم تشخيصهم على مدار السنوات الماضية، يواجهون أوضاعا صحية صعبة، بينهم نحو 200 يعانون أمراضا مزمنة، من بينهم 24 أسيرا مصابون بالأورام والسرطان بدرجات مختلفة.
وأعلنت عائلة الشهيد أبو حميد، في بيان أصدرته أمس الثلاثاء، “عدم فتح بيت عزاء لنجلها إلى حين الإفراج عن جثمانه”، وقالت العائلة: “بهذا تكون روحه حرّة طليقة، ويبقى جسده أسيرًا لدى الاحتلال الغاشم”، وأضافت: “لن نتقبل العزاء بناصر حتّى يتحرر جسده الطاهر ومعه سائر جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال في مقابر الأرقام وداخل الثلاجات”.
وأوضحت العائلة أنها ستبقى في حالة “حداد مستمرة حتى تحرير جسد ناصر ومعه سائر جثامين الشهداء”، وسط مطالبات فلسطينية رسمية للمجتمع الدولي بالتوسّط لتسليمه.
الشهداء الأسرى المحتجزة جثامينهم
ويواصل الاحتلال احتجاز جثامين عشرة شهداء أسرى آخرين، عدا عن جثمان الشهيد أبو حميد، أقدمهم الشهيد الأسير أنيس دولة من قلقيلية الذي استشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات منذ عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم، استشهدوا خلال عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر خلال عام 2020، والأسير سامي العمور الذي استشهد عام 2021، والأسير داوود الزبيدي الذي استشهد العام الجاري، ومحمد ماهر تركمان الذي استشهد خلال هذا العام في مستشفيات الاحتلال الاسرائيلي.
وباستشهاد ناصر أبو حميد يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 233 شهيدا، منذ عام 1967، بالإضافة إلى مئات من الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها من السجون.
ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال اليوم نحو 4700 يقبعون في 23 سجنا ومركز توقيف وتحقيق، بينهم 33 أسيرة يقبعن في سجن “الدامون” و150 طفلا وقاصرا، في سجون (“عوفر”، و”مجيدو”، و”الدامون”). فيما بلغ عدد الأسرى الإداريين 835، بينهم 4 أطفال، وأسيرتان.
قال الشقيق الأكبر للأسير الشهيد، ناجي أبو حميد، أمس الثلاثاء، إن “العائلة تنتظر تسلم جثمان الشهيد ناصر، حيث يتم التنسيق بين السلطة الوطنية والصليب الأحمر مقابل سلطات الاحتلال” لإتمام ذلك.
وحول آخر لقاء له بالشهيد، قال أبو حميد: “أمس (الإثنين) كان آخر لقاء لنا بالشهيد، وكان في حالة غيبوبة، وقبلها أيضا، التقينا به قبل 12 يوما، وكانت حالته صعبة، ولكننا تمكنا من وداعه”.
وأضاف: “كانت رسالته واضحة وقالها منذ ثلاثة شهور، وهي أنه ذاهب حتّى نهاية الطريق، وإنه مطمئنّ وواثق في قضيته، وهو فخور بأن خلفه شعبا عظيما لن ينسى قضيته وقضية الأسرى”، لافتا إلى أن الأسير الشهيد “كان مؤمنا بقضاء الله وقدره؛ كما كان مسلِّما بقدر الله، ويحمد الله أنه سيستشهد”.
وحول ظروف العائلة بعد استشهاد ناصر، قال أبو حميد: “نحن عائلة مؤمنة صابرة بقضاء الله وقدره. مرت العائلة منذ شهور بظروف صعبة، فنحن كنا على علم بتدهور الحالة الصحية للأسير ومستوى الإهمال الصحي الذي تعرّض له”، من قِ[ل سلطات الاحتلال.
وفي ما يتعلق بفترات أسر الشهيد، قال أبو حميد: “أمضى ناصر معظم حياته في السجن، فقد بدأ اعتقاله منذ كان طفلا، حيث أمضى شهورا (معتقلا في سجون الاحتلال) وهو لا يزال ابن الـ11 عاما”.
وأضاف متحدثا عن اعتقال شقيقه: “في أول أيام شبابه أيضا أمضى سنوات رهن الاعتقال أثناء فترة الانتفاضة الأولى، واعتُقل في الانتفاضة الثانية عام 2002، وحُكم عليه بالسجن المؤبد 7 مرات وفوقها 50 عاما”.
فصائل فلسطينيّة تدين قرار الاحتلال الاسرائيلي
في السياق، قال رئيس نادي الأسير، قدورة فارس، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي، باحتجاز جثمان الشهيد القائد الأسير ناصر أبو حميد، جريمة جديدة تضاف إلى مسلسل جرائمه المتصاعدة بحق شعبنا، ومؤشر جديد على سقوط العديد من المنظومات الدولية في اختبار مواجهة جرائم الاحتلال.
وأضاف فارس في بيان صحافي أن هذا القرار امتدادا لآلاف القرارات العنصرية التي اتخذها الاحتلال على مدار عقود بحقّنا.
ودعا رئيس نادي الأسير، الحركة الوطنية، وكافة الفصائل، “لاعتماد إستراتيجية عمل وخطة تكفل وقف قتل الأسرى في سجون الاحتلال، على طريق تحريرهم”.
وتعقيبا على القرار، قالت حركة حماس، إن استمرار احتجاز الجثمان “يمثل مخالفة لأبسط القوانين والأعراف الدولية، وانتهاكا لكل معايير حقوق الإنسان”.
ونقل بيان عن الناطق باسم الحركة، حازم قاسم، قوله إن “الاحتلال يضاعف من حجم وفظاعة جريمة اغتيال الأسير أبو حميد عبر الإهمال الطبي المتعمد، بقرار منع تسليم جثمانه لأهله لوداعه ودفنه”.
وعد قاسم أن القرار الإسرائيلي يأتي في سياق “التصرّف بمنطق الإرهاب والسلوك النازي، ويؤكد عجز المنظومة الدولية عن إجبار الاحتلال الاسرائيلي على أبسط الأمور”.
بدورها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن القرار يعد “إمعانا في الجريمة بهدف معاقبة الأسير بعد استشهاده، ومحاولة للتوظيف السياسي لهذه القضية بغرض الضغط والابتزاز”.
وأكد الناطق باسم الحركة، طارق سلمي، في بيان، أن القرار يعكس “عنصرية الاحتلال وتعديه على كافة القيم الإنسانية والأخلاقية، مستغلا عجز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي يمارس ازدواجية المعايير، ويصمت عن ممارسات الاحتلال”.
من جانبها، قالت حركة “الأحرار” في بيان، إن القرار “يعدّ تحديا للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية التي ما زالت تقف صامتة على جرائم الاحتلال وانتهاكاته للمواثيق الدولية”.
وأضافت أن “رفض تسليم الجثمان من أفظع درجات العنصرية والإرهاب على الشعب والأسرى، كما يمثل عقابا جماعيا لذويهم”.
ودعت الحركة إلى “إطلاق حملة وطنية وشعبية ورسمية ودبلوماسية وإعلامية للضغط على الاحتلال وإجباره على تسليم جثامين الشهداء المحتجزة، وعلى وجه الخصوص جثمان أبو حميد”.