أعاد موظفو دائرة الأوقاف الإسلامية عملية تركيب التمديدات الكهربائية وسماعات الصوت داخل مصلى باب الرحمة شرق المسجد الأقصى بعد ساعات من اقتحام عناصر من شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمكان وتخريب كمية كبيرة من التمديدات الكهربائية.
فيما تكفل متطوعون وخدم للمكان من عملية التنظيف بعد أن خلفت عناصر الشرطة دمارا كبير في المكان بفعل إجراءات تفتيش متعسفة.
ويتعامل حراس الأقصى ومرابطون ونشطاء مقدسيون مع كل إجراء احتلالي، مهما كان صغيرا، في مساحة المسجد الأقصى التي تبلغ 144 دونما على أنه مسألة كبيرة، وبحسب نشطاء فإن ما هناك “هدف مبيت ودلالة مهمة لما قامت به شرطة الاحتلال يوم أمس.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اقتحمت، مصلى باب الرحمة، في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى المبارك حيث قامت بتخريب التمديدات الكهربائية والإضاءة والسماعات داخله وجميع خطوط الكهرباء ومخارجها إلى جانب مرواح للتهوية.
وبحسب بيان صدر السبت، عن مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس فإن ما قامت به مجموعة من أفراد شرطة الاحتلال عبر اقتحام مصلى باب الرحمة حيث قاموا بخلع وتكسير تمديدات الكهرباء داخل المصلى في انتهاك لحرمة المسجد/ الحرم القدسي الشريف “بطريقة تعبر عن حقد أسود دفين من قبل أفراد الشرطة ومسؤوليهم”.
وأكد مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية أن هذه الانتهاكات والتصرفات العدوانية الصارخة التي تقوم بها شرطة الاحتلال بحق المسجد الأقصى وفي مصلى باب الرحمة على وجه الخصوص لأهداف مبيته لن تتحقق بإذن الله تعالى”.
وشدد المجلس على أن مصلى باب الرحمة هو جزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته، وأن المسجد سيبقى مسجدا إسلاميا خالصا بإذن الله تعالى، لا يقبل القسمة ولا الشراكة وهو ملك للمسلمين جميعا.
ورفض المجلس التدخلات السافرة المستمرة من شرطة الاحتلال وعرقلتها لأعمال إعمار المسجد الأقصى المبارك، وتخريبها المتعمد لما تقوم به دائرة الأوقاف الإسلامية من أعمال صيانة وترميم.
وبحسب الباحث المقدسي زياد ابحيص فإن تخرب شبكة الكهرباء والسماعات والإنارة والمراوح في مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى هو عنوان لعدوان متجدد لمحاولة إغلاقه والسيطرة عليه.
ونتج عن مهاجمة قوة من شرطة الاحتلال لمصلى باب الرحمة كسرت بوابة الحماية الحديدية وتخريب كامل شبكة الكهرباء، وتدمير للمراوح والإنارة وقطعت الصوت عن سماعاته.
وشدد ابحيص أن الاحتلال بهذا الإجراء يجدد مسعاه للتقسيم المكاني باقتطاع مصلى باب الرحمة ومحيطه في الجهة الشرقية للأقصى؛ وتجدد محاولته لفصل باب الرحمة عن سائر المسجد مستغلة أيام عبد الفطر السعيد.
وبحسب ابحيص فإن ما جرى يجدد السؤال حول الوصاية الأردنية ودور الأوقاف الأردنية في إدارة الأقصى كحيز مقدس فيما تتصرف فيه شرطة الاحتلال باعتبارها هي من تديره.
وتابع: “هناك تراجع فرض على أدوار حراس الأقصى الذين سبق وأن كان لهم دور متقدم في هبة باب الرحمة عام 2019، وخصوصاً خلال محاولات الاحتلال إعادة إغلاق المصلى على مدى شهري مارس وأبريل من عام 2019”.
وعلق الباحث المقدسي خالد عودة الله على اقتحام شرطة الاحتلال تخريب المكان بأنه “يعلن بدء معركة رد الاعتبار لذاته بعد تراجعه في رمضان”.
واعتبر مصدر مسؤول أن ما جرى في المصلي هو “جريمة جديدة ترتكبها قوات الاحتلال بحق المسجد الأقصى، وهي جريمة ستفجر الأوضاع الأمنية من جديد”.
وشدد على أن “باب الرحمة فتيل الانفجار القادم الذي سيسعى الاحتلال لإشعاله”.
وأضاف: “هذا ما حذرنا منه مرارا وتكرارا، وهو عدم ترك الأقصى فارغا والانشغال عنه، متهما شرطة الاحتلال بالتورط في هذه الجريمة سواء أكان من قام بها مستوطنون أو عابثون آخرون لأنها هي من تتحكم بدخول المصلين والزوار إلى الأقصى”.
وتعالت الأصوات بضرورة الرباط الدائم في كافة ساحات ومصليات المسجد الأقصى لان مشهد مئات آلاف المصلين أغاظت الاحتلال ومستوطنيه وقد تقوم بارتكاب أي حماقة جديدة في أي لحظة.
واعتبر نشطاء أن الاحتلال غير أمين على الأقصى والمقدسات في القدس وعلى المجتمع الدولي تأمين حماية خاصة دولية للمسجد الأقصى والمقدسيين والمقدسات في القدس.
وكانت شرطة الاحتلال قد أوقفت وخففت من سياسة قمعها المصليين في المسجد الأقصى منتصف شهر رمضان بعد يومين من تنفيذ عمليات قمع دموي واعتقال، فيما أعلن بعدها بأيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن منع عمليات اقتحام المستوطنين للأقصى في العشرة الأواخر من شهر رمضان.
وفي سياق متصل قررت حكومة الاحتلال إعادة فتح المسجد الأقصى المبارك أمام اقتحامات المستوطنين ابتداء من صباح الاثنين المقبل(غدا) بنفس آلية الاقتحام ما قبل شهر رمضان.
وقبل نحو شهرين حلت الذكرى السنوية الرابعة لفتح المقدسيين لمصلى باب الرحمة بعد إغلاق دام 16 عاما، وهي هبة جماهيرية أظهرت قدرة المقدسيين على الوقوف في وجه الاحتلال ومخططاته في المسجد الأقصى لا يزال الخطر الإسرائيلي محدقا بالمصلى والمنطقة الشرقية للمسجد حيث حقق المقدسيون خلال الهبة انتصارا بفتح باب الرحمة في تاريخ 22/2/2019 بعد أيام من الحشد والتظاهرات ومواجهة مخططات الاحتلال وأطماعه وتمكنوا من إعادته إلى ما كان عليه قبل 2003.
ويواجه المصلى مخاطر متواصلة من الاحتلال الإسرائيلي لعل أبرزها منع الترميم والإعمار وهو ما تسبب في ظهور رطوبة عالية وتشققات وانهيار في مستوى التربة حول المصلى وضعف في شبكة الكهرباء والإنارة، إلى جانب أن قوات شرطة الاحتلال تستمر في منع إدخال مستلزمات المصلى من سواتر خشبية ورفوف للأحذية.
وكانت قوات الاحتلال بتاريخ 16 فبراير من عام 2019 قد وضعت أقفال على الباب الحديدي الخارجي الأمر الذي أثار حفيظة المقدسيين، وبعد يومين من ذلك قام شباب مقدسيين بخلع الباب بإقفاله لتندلع إثر ذلك مواجهات مع قوات الاحتلال.
يذكر أن جماعات الهيكل تستهدف المصلى بالصلوات التلمودية، فيما ضاعفت شرطة الاحتلال من نقاط المراقبة فوق المصلى وجانبه ومراقبة رواده وعرقلتهم والتضييق عليهم.
يذكر أنه مع نهاية شهر رمضان المبارك قامت مجموعة من المرابطين بتمهيد “طريق الصادقين” و”حديقة المراغمة” بهدف كسر العزلة عن مصلى باب الرحمة وجواره وتعزيز الحضور الإسلامي في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى.
وشدد ابحيص أن ذلك جاء على خطى “طريق المرابطين” التي جرى تأهيلها في رمضان 2022 بهدف كسر عزلة الجهة الشرقية من المسجد الأقصى ومصلى باب الرحمة وتعزيز ارتباطهما ببقية أجزائه.
وبادرت مجموعة من المرابطين في ليلة 27 من رمضان إلى تعزيز “طريق المرابطين” من خلال تعمير طريق أسموه “طريق الصادقين”؛ وتنظيف المساحة المزروعة المجاورة وتأهيلها للمصلين فأسموها “حديقة المراغمة”؛ ليفتحوا بذلك مزيداً من الأبواب للحضور الإسلامي في الجهة الشرقية المستهدفة بالتقسيم المكاني.
سياسيا، قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم إن اقتحام مصلى باب الرحمة وتخريبه لمكوناته، “إصرار من الاحتلال على تصعيد حربه الدينية على المقدسات”.
واعتبر أن “المعركة على هوية المسجد الأقصى مفتوحة والصراع متواصل حتى حسم هذه المعركة لتثبت هوية المسجد الأقصى الفلسطينية العربية الإسلامية”.
وفي ذات السياق قال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي، طارق سلمي، إن “مصلى باب الرحمة هو جزء من المسجد الأقصى ولن تفلح كل محاولات الاحتلال السيطرة عليه أو التحكم فيه”.
وأضاف: “الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن واجباته تجاه المسجد الأقصى بكل ساحاته ومصلياته وقبابه ومدارسه، والمساس بالأقصى والمقدسات ستكون له تداعيات كبيرة في المنطقة”.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته سيبقى يقظا من محاولات تدنيس الأقصى ومن مخططات الاحتلال التي تستهدفه.
ودعت حركة المجاهدين إلى “تكثيف الرباط في المسجد الأقصى رداً على الاعتداء على مصلى باب الرحمة ورفضاً للإرهاب الصهيوني في القدس والأقصى”.
واعتبرت أن الاقتحام “محاولة فاشلة لطمس المعالم الدينية والنيل من المقدسات الإسلامية، وجزء من مخططات التهويد الممنهجة التي لن تمر”.
ودعت الأمة إلى “تحمل مسؤولياتها تجاه القدس والأقصى ضد ما يمارس من استخفاف واضح بمشاعر المسلمين ومقدساتهم”.
وقال المتحدث باسم حركة فتح، منذر الحايك، إن اقتحام قوات الاحتلال مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى وتخريبه هو اعتداء جديد على الأماكن المقدسة سيؤدي إلى المواجهة من جديد، وعلى حكومة نتنياهو الالتزام بالوضع الحالي في القدس وعدم جر المنطقة لحرب دينية لا تستطيع وقفها.