نشرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية دعت فيها لإيصال المساعدات العاجلة إلى منكوبي كارثة الزلزال في سوريا. وقالت إنه يجب البحث عن طريق عبر تركيا لمساعدة المنسيين في شمال سوريا.
وأضافت أن أسبوعا مضى وسط الدموع والندب والإهمال، حيث تكشف حجم الدمار الذي تركته الكارثة ومات فيها أكثر من 35.000 في تركيا وسوريا، مما يجعل الكارثة الأخيرة من أسوأ الكوارث الطبيعية في أكثر من قرن. ولا يزال هناك مئات الآلاف من البشر عالقين تحت الأنقاض، في وقت يصلي فيه أقاربهم لحدوث معجزة تخرجهم من تحتها. ولن يعرف أحد أبدا العدد الإجمالي للضحايا، في وقت تشرد فيه الملايين ومسحت مجتمعات عن وجه الأرض.
وليس من المنطق ترك الناس الذين تأثروا بالكارثة لمصيرهم. وفي الوقت الذي قال فيه منسق الشؤون الإنسانية مارتن غريفيثت يوم الأحد إنهم فشلوا، إلا أن هذا ما سمح له بالحدوث فعليا في شمال- غرب سوريا، وهي المنطقة التي تسيطر عليها الجماعات المعارضة لنظام بشار الأسد، ولم يصل إلى منطقة إدلب إلا كميات قليلة من المساعدات عبر المعبر الوحيد المفتوح من جهة تركيا.
ومع زيادة الغضب اعترف غريفيثت بـ “الفشل” من جانب الأمم المتحدة وكان صادقا في كلامه ولكنه لا يعبر عن الواقع. فقد فاقمت الهزة الأرضية المعاناة التي يعاني منها سكان منطقة يعيشون ويلات الحرب الأهلية. فالغارات الجوية والفقر المدقع وانهيار البنى التحتية ووباء الكوليرا كلها موجودة، ولا توجد المواد الأساسية لمواجهة الأزمات البسيطة. والبديل عن المساعدة هي أزمة ذات مدى رهيب، وفي منطقة يتحارب فيها لاعبون أشرار فالسؤال هو عن كيفية التفاوض حول طريق آمن.
ودعت الولايات المتحدة الأسد للتوقف عن استخدام المساعدات كسلاح وإيصال المساعدات الدولية لمناطق المعارضة. وكانت واشنطن مصيبة في تخفيف بعض العقوبات لإيصال أقصى حد من المساعدات للمناطق المنكوبة ويجب على أوروبا أن تحذو حذوها. وحتى لو التزمت الحكومة في دمشق إلا أن هيئة تحرير الشام التي تسيطر على المنطقة رفضت المساعدات القادمة من المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، حسب بعض التقارير.
وتقتضي السياسة الواقعية فتح كل المعابر المغلقة على الحدود مع تركيا. لكن هذا ما صوتت ضده داعمة الأسد في مجلس الأمن، روسيا. وتذرع الرئيس فلاديمير بوتين بأن ما يدعو إلى هذا التحرك هو حماية السيادة السورية، وهو ما سيثير الضحك في كييف، بعد غزو موسكو لأراضيها. وفي حالة لم تغير موسكو موقفها الذي يخدم مصالحها، فيجب على الدول البحث عن طرق قانونية تتحايل على الوضع. وفي ضوء سجل الأسد الوحشي، وبدون إجماع فهناك مخاطر نابعة من أي تحرك.
وفي النهاية يجب أن تلعب الدبلوماسية والضغوط الدولية دورها للخروج من المأزق وتجاوز الانقسامات من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية. وكوارث على قاعدة كهذه تستدعي التذكير بالقيم الإنسانية والتضامن والتعاون والتسامي على العداوة التقليدية.
ويتحمل الغرب مسؤولية الدفع بهذه القضية، فهو من تخلى عن سوريا وجعلها خارج التفكير والنظر. ومن بين الذين ينتظرون المساعدة في إدلب أشخاص أرجعتهم أوروبا وأقامت الأسلاك الشائكة والحواجز على حدودها لمنع دخولهم. فضحايا الديكتاتورية والتطرف والكارثة الآن بحاجة لدعمنا المتأخر وسيحتاجون المزيد منه لسنوات قادمة.