رغم أن بعض الناس يبكون بسهولة أكثر من غيرهم، فإن البكاء جزء من حياة كل شخص. والواقع أن البشر هم النوع الوحيد الذي يبكي لأسباب عاطفية، لكن العلماء ما زالوا يجهلون كيفية ارتباط فعل البكاء بمشاعرنا.
كشفت دراسة حديثة عن بعض التأثيرات للبكاء على أجسامنا وعقولنا. ولماذا تبكي المرأة بسهولة أكثر من الرجل.
تحسين المزاج
من الفوائد المعروفة للبكاء أنه يخفف من التوتر الجسدي والإجهاد، حيث في العادة نبدأ في البكاء بعد أن يصل جسمنا إلى ذروة التأثر النفسي؛ إذ يبدأ بإطلاق هرومون الإندورفين، الهرمونات التي تمنح الجسم الشعور بالسعادة، وتساهم في تحسين المزاج.
كما يمكن أن يساعد البكاء والنشيج على وجه التحديد، في تنظيم درجة حرارة الدماغ وخفضها، فعندما تبكي، تأخذ نفسًا سريعًا من الهواء البارد، لذا فدرجة الحرارة الطبيعية للدماغ أكثر إمتاعًا للجسم؛ ما يؤدي إلى تحسين المزاج.
وسيلة للتواصل وصياغة الروابط
تقول الدراسة إن البكاء هو الأداة الأولى للتواصل التي يستخدمها الطفل، إذ تضيف الدموع عنصرا بصريا إلى صراخ الطفل كرسالة لطلب للمساعدة؛ ما يجعل الأمر أكثر وضوحا لمقدم الرعاية بأن الطفل بحاجة للانتباه.
وكبالغين، نقوم بتحويل هذه الوظيفة البيولوجية إلى وظيفة عاطفية، فغالبا ما تنقل دموع الكبار الرسالة نفسها التي ينقلها الأطفال: ”أنا بحاجة إلى دعم“.
ويكشف البكاء أمام الآخرين عن ضعفنا؛ لذلك فهو وسيلة للإشارة إلى أننا نشعر بأننا قريبون من شخص ما، وأننا نثق به. وعندما يتفاعل الناس مع شخص يبكي بطريقة داعمة وعاطفية، فإنه يخلق شعورا متزايدا بالارتباط والتواصل.
يخلصك من السموم
أشارت بعض الأبحاث الرائدة حول البكاء إلى أن الدموع تساعد الجسم على التخلص من السموم غير المرغوب فيها.
وعند مقارنة الدموع العاطفية بالدموع الناتجة عن تهيج العين، مثل تلك الناتجة عن تقطيع البصل مثلا، تبين أن هناك اختلافات كيميائية بين النوعين؛ فالدموع العاطفية تحتوي على نسبة أعلى من بعض البروتينات التي تتراكم كمنتجات ثانوية لهرمونات التوتر مثل الكورتيزول، والتي تتراكم في أوقات الاضطرابات العاطفية ولها آثار ضارة على أجسامنا.
يحوي خصائص تعقيمية
ومن الفوائد الأخرى التي كشفت عنها الأبحاث أن البكاء قد يساعد في قتل البكتيريا؛ فالدموع تحتوي على مادة الليزوزيم، وهو بروتين له القدرة على تدمير البكتيريا القوية، إلا أن هناك حاجة لمزيد من البحث لتحديد ما إذا كان للبكاء خصائص فعلية لحمايتنا من البكتيريا الضارة.
يعزز صحة العين
الوظيفة البيولوجية الأساسية للدموع هي الحفاظ على رطوبة العينين وحمايتها من الشوائب. فجفاف العين التي لا يتم ترطيبها بالدموع بشكل كافٍ يمكن أن يؤدي إلى التهيج والألم وحتى فقدان البصر.
وهناك حقيقة أخرى مثيرة للاهتمام، أثبتتها إحدى الدراسات، وهي أن المرضى الذين يعانون من حالة جفاف حادة في العين انخفضت قدرتهم في التعرف على مشاعرهم، والسبب الدقيق لحدوث ذلك غير واضح.
البكاء مرتبط بهرموناتنا
وتكشف الدراسة عن سر بيولوجي لا يعرفه الكثيرون؛ فالنساء يبكين أكثر من الرجال ليس فقط نتيجة للأحكام الاجتماعية التي ترى في بكاء الرجل ضعفا، لكن لأن لها سببا جسديا يتعلق بالهرمونات.
ووفقأ للعديد من الدراسات، يبدو أن هرمون التستوستيرون له تأثير مثبط على البكاء، فأثناء الدورة الشهرية أو بعد الولادة يزيد ميل المرأة للبكاء، نتيجة تغير مستويات هرمون الإستروجين.
وهناك أيضا بعض الأدلة على أن هرمون البرولاكتين يسهل القدرة على البكاء لدى الرجال والنساء.
أخيرا؛ رغم أن البكاء فعل عاطفي، إلا أن له مظاهر جسدية تشمل: الصداع، وسيلان الأنف، والتنهد، وغيرها.
وعموما لا يزال فعل البكاء في حد ذاته أمرا مثيرأ للغاية، فهو مثل تمرين من نوع آخر، فالأشخاص الذين يبكون يعانون من ارتفاع معدل ضربات القلب وزيادة التعرق، وهو ما يؤدي إلى إطلاق الإندورفين ويسبب مجموعة من ردود الفعل الجسدية الأخرى.