ما زالت المعارك محتدمة في العاصمة السودانية الخرطوم على الرغم من موافقة كل من الطرفين المتصارعين على السلطة في السودان على إرسال وفد الى السعودية، اليوم السبت، لإجراء محادثات حول هدنة جديدة.
وكما يجري منذ 15 نيسان/ أبريل، تحدث شهود عيان من سكان العاصمة السودانية عن دوي قصف.
وشنت طائرات الفريق أول عبد الفتاح البرهان، اليوم السبت، ضربات جوية في حي الرياض بالخرطوم، بينما تستضيف جدة في اليوم نفسه المحادثات بين الطرفين المتحاربين.
وأعلنت الولايات المتحدة والسعودية في بيان مشترك، ليل الجمعة السبت “بدء محادثات أولية” في جدة بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وحض البلدان طرفي النزاع السوداني على “الانخراط الجاد” في هذه المحادثات حتى التوصل إلى “وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع”.
وأكد الجيش السوداني في بيان أن هذه المحادثات ستتناول “تفاصيل الهدنة” التي جددت أكثر من مرة ولكن لم يتم الالتزام بها على الإطلاق. من جانبها، لم تعلق قوات الدعم السريع على ذلك.
وتملك السعودية التي تمول الطرفين السودانيين، والولايات المتحدة التي مكنت السودان من العودة إلى المجتمع الدولي بالغائها العقوبات التي كانت مفروضة عليه لعقود، وسائل ضغط كبيرة في هذه المحادثات.
وتأتي هذه المحادثات بعد عدد من المبادرات الإقليمية الأفريقية التي قامت بها خصوصا دول شرق أفريقيا عبر منظمة “الهيئة الحكومية للتنمية” (إيغاد)، أو العربية التي لم تثمر على ما يبدو.
ومن المقرر أن يبحث، الأحد، وزراء خارجية الدول العربية “الملف السوداني” الذي يبدو أنهم منقسمون بشأنه، بينما فقد الاتحاد الأفريقي أي أوراق منذ أن علق عضوية السودان عقب انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو على المدنيين عندما كانا حليفين في 2021.
وأسفرت المعارك الضارية المستمرة منذ 22 يوما بين قوات الرجلين عن سقوط 700 قتيل وخمسة آلاف جريح فضلا عن نزوح 335 الف شخص ولجوء 115 ألفا إلى الدول المجاورة.
والجمعة وحده، أوقعت المعارك 16 قتيلا بين المدنيين من بينهم 12 في الأبيض (300 كيلومتر جنوب الخرطوم)، وفق نقابة الأطباء.
ومنذ أيام، يقول موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس إن الطرفين “على استعداد لبدء محادثات فنية” حول ترتيبات وقف إطلاق النار، مشيرا إلى السعودية كمكان محتملا لاستضافة تلك المناقشات.
وأضاف المسؤول الأممي أن المفاوضات السياسية حول مستقبل البلاد التي خرجت في العام 2019 من دكتاتورية عسكرية – إسلامية دامت ثلاثة عقود قبل أن تخضع مرة أخرى لحكم العسكريين بعدها بعامين، لن تكون ممكنة إلا بعد وقف إطلاق نار حقيقي.
مع استمرار المعارك، يخشى برنامج الأغذية العالمي من أن يعاني 19 مليون شخص الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة في السودان على خلفية النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق ما أفاد متحدث باسم الأمم المتحدة، الجمعة.
ونقل نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، أن برنامج الأغذية “يتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون فقدانا حادا في الأمن الغذائي في السودان ما بين مليونين و2,5 مليون شخص”.
وأضاف “في أيار/مايو 2023، مع أخذ النزاع الراهن في الاعتبار يمكننا أن نقدر بأن العدد الإجمالي (لهؤلاء الأشخاص) سيرتفع إلى 19 مليونا في الفترة بين الأشهر الثلاثة والستة المقبلة في حال استمر النزاع”.
ووفق تقرير برنامج الأغذية مطلع 2023، كان 16,8 مليون سوداني من إجمالي عدد السكان المقدّر بـ45 مليون نسمة، يعانون انعداما حادا في الأمن الغذائي، بزيادة مليون شخص عن العام الذي سبق.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن الولايات السودانية الأكثر تأثرا ستكون غرب دافور وكردفان والنيل الأزرق وولاية البحر الأحمر وشمال دارفور.
وسيعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة اجتماعا خاصا في 11 أيار/ مايو لمناقشة “تأثير” المواجهات التي يشهدها السودان منذ منتصف نيسان/ أبريل “على حقوق الإنسان”.
وقال المجلس في بيان إن هذا الاجتماع يأتي بناء على طلب رسمي مشترك تقدمت به المملكة المتحدة والنروج والولايات المتحدة وألمانيا، مساء الجمعة، وحظي بتأييد 52 دولة حتى الآن. وقد تنضم إليها دول أخرى بحلول الأسبوع المقبل.
ويعتقد الخبراء أن الحرب قد تكون طويلة خصوصا في ظل عدم قدرة أي من الطرفين على حسم الأمر على الأرض.
في دارفور، الإقليم الواقع في غربي السودان على الحدود مع تشاد، حمل مدنيون السلاح للمشاركة في المعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع وقبائل متمردة، بحسب الأمم المتحدة.
وقالت منظمة “المجلس النروجي للاجئين” (ريفوجيي كاونسيل) إنه ما بين 24 و28 نيسان/أبريل “قتل 191 شخصا على الأقل وأحرقت عشرات المنازل ونزح آلاف الأشخاص” في إقليم دارفور الذي سبق أن شهد حربا دامية بدأت في 2003 وأوقعت 300 ألف قتيل كما أدت إلى نزوح 2،5 مليون شخص.
وفي مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، تحاول الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية التفاوض لإيصال مساعدات إلى الخرطوم ودارفور حيث قصفت أو نهبت المستشفيات ومخازن المساعدات الإنسانية.