تراهن روسيا في الحرب الحالية ضد أوكرانيا على الصواريخ بكثافة وبدرجة أقل على الطائرات المقاتلة، ومرد هذا الخوف من منظومة الدفاع الروسية إس 300 التي تمتلكها أوكرانيا أكثر من امتلاكها لمنظومات الدفاع الغربي.
وخلال الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة طيلة العقود الأخيرة بعد الحرب العالمية الثانية، كانت تتوفر على تفوق جوي مطلق نتيجة تطور مقاتلاتها ثم عدم امتلاك الدول المستهدفة منظومات دفاع متطورة. وتبين ذلك بشكل واضح في الحرب ضد أفغانستان والعراق، حيث كان سلاح الجو الأمريكي يصول ويجول لأن البلدين لم يكونا يمتلكان منظومات دفاع متطورة.
غير أن روسيا تواجه سيناريو مختلفا للغاية، فهي تعتمد الحرب عن بعد باستعمال مختلف الصواريخ ومنها فرط صوتية. وفي المقابل، قللت بشكل ملحوظ من الرهان على المقاتلات. ولم تنجح روسيا حتى الآن في تدمير كل الدفاعات الأوكرانية، حيث أخفى الجيش الأوكراني هذه المنظومات المتحركة نظرا لسهولة التنقل.
يواجه الطيران الروسي منظومة إس 300 التي هي من صنع روسي، وتتوفر عليها أوكرانيا بكثرة منذ حقبة الاتحاد السوفياتي، كما توصلت لها من دول أوروبا الشرقية. وتضغط واشنطن على اليونان لتفويت إس 300 التي تتوفر عليها إلى أوكرانيا، غير أن اليونان ترفض حتى الآن وأخبرت موسكو خلال الأسبوع الجاري بأنها لن تفعل. وتفضل أوكرانيا إس 300 لأن الجيش الأوكراني متدرب عليها، وبمجرد الحصول عليها، تدخل الخدمة.
وزير الدفاع الأوكراني أولكسيل ريزنيكوف قد صرح بداية شهر ديسمبر بوجود اتصالات مع كل الدول التي تتوفر لديها إس 300 لكي تدخلها إلى أوكرانيا.
ورغم الحديث عن تزويد الجيش الأوكراني بمنظومات دفاع غربية، إلا أن عددها محدود للغاية وبدون تأثير كبير في الدفاع مقارنة مع إس 300، في انتظار وصول منظومة باتريوت الأمريكية التي تعهد البنتاغون الأسبوع الماضي بمنحها للأوكرانيين.
وعليه، ليس من باب المفاجأة أن صواريخ الدفاع التي سقطت في بولندا الشهر الماضي كانت إس 300 في ملكية الجيش الأوكراني وليست غربية، كما أن الصاروخ الذي سقط في بيلاروسيا خلال الأسبوع الجاري كان بدوره من نوع إس 300 الذي في حوزة الدفاع الأوكراني.
وأمام رغبة روسيا في توجيه ضربات دقيقة لبنك الأهداف، وأمام خطورة إس 300 على المقاتلات الروسية، يراهن الجيش الروسي على الصواريخ بكثافة لأن نسبة اعتراضها تبقى ضئيلة جدا حتى من طرف منظومة إس 300، بينما اعتراض هذه المنظومة لطائرة مقاتلة يبقى مرتفعا للغاية.
وخلال الشهرين الأخيرين، لجأت روسيا إلى القاذفات الاستراتيجية مثل تو 160 لضرب أهداف في العمق الأوكراني لأن منظومات الدفاع لا تستطيع اعتراض هذا النوع من المقنبلات. وعندما تلجأ إلى المقاتلات من عائلة سوخوي 25 أو سوخوي 35، فغالبا ما تهاجم مناطق تعتقد مسبقا بضعف الدفاع الجوي فيها، ويلجأ الربابنة إلى الطيران المنخفض جدا لتفادي رصد الرادار لهم.
وتكثف روسيا من قصف الأهداف العسكرية والبنيات الخاصة بالطاقة لإدراكها أن هذه الأهداف محمية بمنظومات دفاع، ولهذا ينتج عن كل هجوم تراجع مخزون أوكرانيا من منظومات الدفاع، وهو ما يضعفها تدريجيا أمام روسيا عسكريا في هذه الحرب.