28 يوليو، 2024 2:24 صباحًا
لوجو الوطن اليوم
كيف يميز الدماغ بين الواقع والخيال؟
كيف يميز الدماغ بين الواقع والخيال؟
كيف يميز الدماغ بين الواقع والخيال؟

التمييز بين ما هو واقعي وخيالي أمر قد تتوهم أنه في غاية السهولة، على اعتبار أن للدماغ سبل معالجة مختلفة للمتخيل والواقعي. ليس هذا ما تشير إليه التجارب العلمية.

في الواقع، يبدو أن طرق عمل الدماع متشابهة إلى حدّكبير في هذا المجال. إذاً كيف يستطيع العقل إقامة حد فاصل بين هذين النطاقين؟ هذا التقرير في موقع “بسايكي” يلقي الضوء:

سنة 1910، سألت عالمة النفس ماري شيفز ويست بيركي متطوّعين ما تعتقدون أنه سيكون سؤالا سهلا بالنسبة إليهم: هل ما ترونه حقيقيّ أم خياليّ؟ في بحثها، طلبت من الناس تخيّل أشياء، كتفاحة، أثناء النظر إلى الحائط. ثم استخدمت، سراً، جهاز عرض سمي حينها مصباحاً سحرياً لإلقاء الصورة نفسها على الجدار. واجه المشاركون صعوبة في التمييز بين ما رأوه بأعينهم وما تخيّلوه في أذهانهم.

اقرأ أيضًا: قريباً.. الذكاء الاصطناعي سيقرأ عقولكم

لغز

اقترحت هذه التجربة الأساسية، وأخرى كثيرة منذ ذلك الحين، أنّ الرؤية والتخيل ينطويان على عمليّات مماثلة في الدماغ. يؤدّي هذا إلى لغز بحسب عالمة الأعصاب الإدراكية في كلية لندن الجامعية نادين ديكسترا: “إذا كان الدماغ يتعامل مع الخيال بشكل مشابه جداً لكيفية تعامله مع الواقع، فلماذا لا نخلط بين الاثنين طوال الوقت؟”.

في دراسة معاصرة لما أصبح يُعرف باسم “تأثير بيركي”، وقد نُشرت مؤخراً في مجلة Nature Communications ، طلبت ديكسترا وزملاؤها ممّن يزيد على 600 شخص النظر إلى شاشة ساكنة، وتخيّل خطوط قُطريّة (مائلة) على الشاشة، ثم الإبلاغ عن مدى وضوح الخطوط على مقياس من 1 إلى 5.

مع مضي التجربة قدماً، على غرار دراسة بيركي، أدخل الباحثون سراً خطوطاً قطريّة حقيقية، لاختبار مدى تأثيرها على ما اعتقد الناس أنهم رأوه. كما هي الحال في عمل بيركي، وجد العلماء أنّه يمكن للناس بسهولة أن يخطئوا بين الخيال والواقع. لكن ليس دائماً: ويبدو أنّ العامل الرئيسي هو مدى وضوح أو حيويّة تصوّرهم للصورة. كان الأشخاص الذين قالوا إنّهم رأوا خطاً قطرياً واضحاً أكثر ميلاً للقول إنّهم يعتقدون أنّه حقيقي، سواء كان ذلك صحيحاً أم لا.

عتبة واقع

تقول ديكسترا إن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن الأشخاص يتحققون مما هو حقيقيّ ومتخيل بالاستناد إلى “عتبة واقع”، في عملية تسمى مراقبة الواقع المتصور. إذا كانت إشارة أضعف من تلك العتبة فمن المرجّح أن يعتبر الشخص ما يراه خيالاً. إذا كانت بالقوّة نفسها أو أقوى فمن المرجح أنهم سيعتبرونها حقيقيّة.

وجدت ديكسترا دليلا آخر إلى هذا المبدأ نفسه من خلال إعادة تحليل إحدى تجاربها السابقة في تصوير الدماغ: عندما تخيّل المشاركون في الدراسة رؤية شيء ما، أظهرت أدمغتهم أنماطاً متشابهة من التنشيط في القشرة البصريّة كما لو كانوا ينظرون إلى الشيء نفسه، ولكنّ التنشيط كان أضعف عامةً.

المثير للاهتمام

وهذا يعني أن الأشخاص الذين لديهم صور عقلية شديدة الحيويّة قد يجدون صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال؛ كان هناك بعض الارتباط بين وجود صور حيويّة وزيادة احتمال الإصابة بالهلوسة. النتائج لها أيضاً آثار على كيفية المضيّ في مستقبل بواقع افتراضيّ معزّز أكثر من أي وقت مضى.

من المثير للاهتمام أن عتبات الواقع لدينا تتغير على الأرجح دائماً. لذلك، مع تغير التكنولوجيا، قد نتغير نحن أيضا. عندما كانت بيركي تجري تجربتها، كانت مقاطع الفيديو نادرة، وكان الناس يعتقدون دائما أن ما يرونه يأتي من أذهانهم. في نهاية المطاف، ماذا يمكن أن يكون؟ قال أحد المشاركين: “لو لم أكن أعرف أنّني كنت أتخيّل، لكنت اعتقدت أنه حقيقي”.

زوارنا يتصفحون الآن