2 أغسطس، 2024 3:45 صباحًا
لوجو الوطن اليوم
مدى الكرمل: وزير القضاء الإسرائيلي يخطط لإصلاحات تهدد حقوق فلسطينيي الداخل
مدى الكرمل: وزير القضاء الإسرائيلي يخطط لإصلاحات تهدد حقوق فلسطينيي الداخل
مدى الكرمل: وزير القضاء الإسرائيلي يخطط لإصلاحات تهدد حقوق فلسطينيي الداخل

يؤكد “مدى الكرمل”، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا، أن خطة الإصلاحات التي يقودها وزير القضاء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي ياريف لافين تنطوي على تهديد لكل الشعب الفلسطيني، لكنها بشكل خاص تلحق ضرراً فادحا بحقوق فلسطينيي الداخل.

في قراءة لما تشهده إسرائيل، في ظل ما يعرف بالإصلاحات القضائية، يقول “مدى الكرمل” إن حكومة نتنياهو السادسة نالت ثقة الكنيست في الـ 29 من كانون الأول المنصرم، وما لبثت أن بدأت بترجمة برنامجها السياسيّ على أرض الواقع.

وفي الـرابع من كانون الثاني الجاري، أعلن وزير القضاء ياريـﭫ ليـﭭـين عن خطّة شاملة لتغيير وجه السلطة القضائيّة في إسرائيل، وإعادة تصميمها وفقا لمفهوم معسكر اليمين الديني المتطرف.

ويرى “مدى الكرمل” أنه، إلى جانب إلحاقِ الضرر المتوقَّع بالحريات الفردية، والمسّ بمبدأ فصل السلطات واستقلال السلطة القضائية، ستلحق الخطة بالمواطنين الفلسطينيين ضررا جِديا ومباشرا.

ويؤكد أن هذه الخطة ستسهل تنفيذ سياسات الحكومة العنصرية تجاه الفلسطينيين، التي فصلت في اتفاقيات التحالف الجديد وفي خطوطه العريضة، وستترجِم الخطة نوايا تعزيز وتشريع تفوق المجتمع اليهودي بالقانون، وستحد من إمكان أن يتوجه المجتمع الفلسطيني إلى السلطة القضائية لمواجهة هذه السياسات.
ويتابع : مما لا شك فيه أن الخطة ستلحق الضرر بالحقوق المدنية والقومية الجماعية، ولن يقتصر الأمر على الحقوق والحريات الفردية.

وترمي خطة وزير القضاء، في ما ترمي، إلى استكمال مشروع اليمين الديني الاستيطاني، وهو ترسيخ المكانة المتدنية للسكان الفلسطينيين وتبعيتهم، وهو جزء من مشروع أوسع، يسعى من خلاله معسكر اليمين بأطيافه إلى استكمال سيطرته على مراكز صنع القرار والسياسات في إسرائيل، وترسيخ طابع الدولة كدولة لليهود فقط.

وينوه “مدى الكرمل” بأنه بغية تحقيق ذلك، تحتاج الحكومة إلى ترويض السلطة القضائية ومنع الرقابة، وضمان سلطة قضائية محافظة لا تتدخل في عملية التشريع ولا تنتقد سياسات الحكومة.

بنود خطة وزير القضاء

قدم وزير القضاء خطة متكاملة لتغيير مكانة وأداء السلطة القضائية بعامة، والمحكمة العليا بخاصة تشمل الخطة ما يلي:

فقرة التغلب

تقترح الخطة سن قانون فقرة التغلب (الاستقواء)، الذي يخول الكنيست إعادة سن قانون أبطلته المحكمة العليا بأغلبية 61 عضو كنيست فقط، أي بأغلبية تمكن التحالف من التغلّب على قرارات المحكمة العليا دون حاجة إلى دعم من خارج التحالف الحكومي. سيحد هذا الإجراء على نحو بالغٍ من قدرة المحكمة العليا على التدخُّل وإبطال القوانين، أو بنود معيّنة منها، إذا كانت تتعارض مع قوانين أساس. الهدف هو منع تدخل القضاء وضمان محكمة محافِظة، على الرغم من أنّه على أرض الواقع، منذ سن قوانين الأساس في منتصف تسعينيات القرن المنصرم، لم تَقم المحكمة العليا بالتدخل وإلغاء قوانين أو بنود قوانين إلا في 22 حالة.

قوانين الأساس

تسعى الخطة إلى منع تدخل المحكمة العليا في قوانين الأساس، بحيث سيحتاج نقاش دستورية القوانين نصابا كاملا للمحكمة العليا، أي 15 قاضيا، ويحتاج إلغاء قانون إلى أغلبية خاصة.

حجة المعقولية

منع المحكمة من استخدام حجة المعقولية للحكم على التشريعات والقرارات الحكومية. هذا يعني تقليص مساحة تدخل المحكمة في قرارات السلطة التنفيذية والتشريعية.

لجنة اختيار القضاة

تغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة بغية منح الحكومة سيطرة فعلية عليها. بِذا يرمي وزير القضاء إلى تقليل حصّة ودور القضاة في عملية تعيين قضاة جدد، وزيادة تمثيل السلطة التنفيذية والتشريعية، أي زيادة التدخل السياسي في عملية اختيار القضاة.

فقا للخطة، سيرفع عدد أعضاء اللجنة من 9 إلى 11، بحيث يكون ثمّة تمثيل متساوٍ لجميع السلطات، وسيبدل تمثيل نقابة المحامين بمندوبي جمهور يختارهم وزير القضاء بنفسه. بالإضافة إلى هذا، المرشَّحون للمحكمة العليا سيخضعون لجلسة استماع عامة في الكنيست.

رئاسة المحكمة العليا

يلغى نظام الأقدمية في تعيين رئيس المحكمة العليا، وتولى الحكومة صلاحية تعيين رئيس المحكمة العليا.

مكانة المستشارين القانونيين

وفق الخطة، ستكون مناصب المستشارين القانونيّين للحكومة “مناصب ثقة” للوزراء، وسيعيّن الوزير المستشار القانوني للوزارة، وسيخضع هذا الأخير للوزير لا للمستشار القضائيّ للحكومة.

إسقاطات الخطة

ويستذكر “مدى الكرمل” قول وزير القضاء، في المؤتمر الصحفي الذي عرض فيه خطته، إن: “الثورة الدستورية، والتدخل المتزايد للسلطة القضائيّة في قرارات الحكومة وفي سَنّ القوانين، أديا إلى تراجع الثقة في السلطة القضائيّة إلى حد خطير، وإلى فقدان “الحَوْكمة” وإلحاق أضرار جسيمة بالديمقراطيّة. نذهب إلى صناديق الاقتراع ونصوّت ونختار، ولكن في كلّ مرة نجد أنّ أشخاصًا لم ننتخبهم يقرّرون من أجلنا”.

ويعتبر “مدى الكرمل” أن لافين يتصرف من منطلق أنّ هذا المعسكر لم يتمكّن حتى الآن من ترجمة الدعم الواسع الذي يتلقّاه في المجتمع الإسرائيليّ على نحوٍ حرّ، وأنّه غير قادر على ترجمة وتنفيذ الأيديولوجيا والسياسات اليمينيّة دون قيود.

يطمح المعسكر اليميني إلى السيطرة الكاملة على عمليّة صنع القرار والسياسات، وتحديد طبيعة المجتمع والدولة كدولة لليهود فقط، ويريد حرّيّة مطلقة في وضع السياسات تجاه المواطنين الفلسطينيّين والاحتلال. وينوه “مدى الكرمل” إلى أن اليمين مقتنع بأن السلطة القضائيّة، ولا سيّما المحكمة العليا، هي من أهمّ العوائق لفرض هيمنته.

كما يستذكر أن خطّة لافين لقيت انتقادات واسعة من قِبل الجهاز القضائي، ومن منظمات حقوق الإنسان، ومن المعارضة في الكنيست، وأعرب الكثيرون عن قلقهم بشأن مستقبل السلطة القضائيّة وفصل السلطات، وقدرة السلطة القضائية على العمل في ظلّ القيود الجديدة في حال إقرارها. ويقول إن بعض الانتقادات تطرّق إلى رغبة نتنياهو في تغيير مكانة وفعّاليّة السلطة القضائيّة مبتغيًا السيطرة على محاكمته والإفلات من العقوبة، وكذلك إلى الرغبة في تثبيت تعيين أرييه درعي وزيرًا. وادّعى آخرون أن “التغييرات في السلطة القضائيّة تعفي الحكومة من أيّ قيود.

إسقاطات على الفلسطينيين

ترى ورقة الموقف هذه أنّ إسقاطات ومخاطر خطّة وزير القضاء على الفلسطينيين أوسع من المخاطر العامّة التي ذكرت حى الآن؛ إذ هي تهدد مكانة المجتمع الفلسطيني القانونية والسياسيّة.

ويقول “مدى الكرمل”:” صحيح أن الجهاز القضائي والسلطة القضائية لم يشفعا في الماضي في الدفاع عن حقوق المجتمع الفلسطينيّ، ولم يمنعا الغبن والتمييز في القضايا الجوهريّة والمطالب الجماعيّة بل منحاها غطاءً قانونيًّا (على سبيل المثال: قانون القوميّة؛ قانون منع لم شمل الفلسطينيين؛ قضايا مصادرة الأرض؛ قانون لجان القبول)، لكن مع ذلك ستؤدّي الخطّة إلى تفاقم الوضع وستُلحِق الضرر بإمكانيّات المواطنين الفلسطينيّين، المحدودة أصلًا، للنضال والعمل من خلال السلطة القضائيّة والأدوات السياسيّة ضدّ العنصريّة والتمييز والاضطهاد. ويحذّر من أن الخطّة المقترَحة للحكومة تتيح إمكانيّة تنفيذ الخطوط العريضة لاتّفاقيّات التحالف الموجَّه ضدّ المجتمع الفلسطينيّ، في المجالات المدنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والقوميّة، بعد ضمان تقليص إمكانيّة الاعتراض وتقييد أدوات العمل السياسيّ والنضال، وردع السلطة القضائيّة.

تقليص الهوامش الديموقراطية

ويرى |مدى الكرمل| أنه بالإضافة إلى السياسات العنصريّة البنيويّة تجاه المجتمع العربي، سيكون التحالف الجديد أخطر من الحكومات السابقة، وسيعمل على نحوٍ مباشر وجلي على تقليص الهامش الديموقراطي، الضيق أصلا، وعلى زيادة جرعات العنصريّة تجاه المجتمع العربيّ تزايُد عدائيّة وقمع جهاز الشرطة للمواطنين العرب؛ تقييد الحرّيّات العامّة والفرديّة؛ تقييد جهاز القضاء؛ صهَينة أعمق لجهاز وبرامج التعليم… وسيعمل على تعزيز الهوية اليهوديّة والقوميّة لإسرائيل، وتضييق إمكانيّات وأدوات العمل السياسي ونضال الفلسطينيّين في إسرائيل”. كذلك يوضح مركز “عدالة” القضائي في ورقة موقف نشرها مؤخرا، أن “الخطوط العريضة والاتّفاقيّات الائتلافية تظهِر أن الحكومة عازمة على ترسيخ، مأْسسة وقَوْنَنة الفوقيّة اليهوديّة والفصل العنصريّ واعتمادها كقيَم رئيسيّة للنظام الإسرائيليّ، بواسطة تشريع قوانين”. ويقول مركز مساواة إنّ الاتّفاقيّات الائتلافيّة ستعمل على تعميق التمييز والعنصريّة تجاه المواطنين العرب في إسرائيل.

بناء على هذا، يتوقع “مدى الكرمل” أن تكون ثمة إسقاطات مباشرة للخطّة على المجتمع الفلسطينيّ وإسقاطات غير مباشرة بحيث ستمنع الخطّة، أو تقلّل، إمكانيّةَ الاستعانة بالجهاز القضائيّ لتقليل الضرر والاستئناف على السياسات الحكوميّة والقوانين. من ضمن ذلك:

أن تكون الشرطة أكثر عدائيّة تجاه المواطنين الفلسطينيّين، بحيث تعتزم الحكومة -وَفق ما يورِد مركز عدالة- استعمالَ سياسة شُرطِيّة عِرقيّة، وإلغاءَ استنتاجات لجنة “أور” الخاصّة بتعليمات إطلاق النار. اتّفاق التحالف يصنِّف على نحوٍ صريح وواضح المواطنين الفلسطينيّين في إسرائيل على أنّهم “تهديد استراتيجي”.

كذلك ينص الاتفاق على أن الحكومة ستتخذ قرارا خلال 60 يومًا “بشأن حملة وطنيّة شاملة لاستعادة الأمن الشخصي في جميع أنحاء إسرائيل”، وهي حملة تشمل “القضاء على الجريمة القومية” وَ “بناء القوة” المكلّف للتعامل مع “التهديد الإستراتيجي في الجبهة الداخلية وقت المعارك”.

بعض أطراف الائتلاف الحاكم كشف عن طرحه مشروع قانون يحظر الترشح للكنيست على من يدلي بتصريح واحد مؤيد الإرهاب” ما يعني إخراج المرشحين العرب وبقاء البرلمان الإسرائيلي لليهود فقط.

كما تعني “الخطة” سيطرة غير مسبوقة من قِبل الشرطة، خاصّة على سكّان البلدات البدويّة في النقب والمدن المختلطة. أعربت جمعيّة حقوق المواطن عن قلقها “من أنّ الحكومة قد تستغلّ أزمة الجريمة وانعدام الأمن الشخصيّ في المجتمع العربيّ لزيادة عمل الشرطة في المجتمع العربيّ على نحوٍ مبالَغ فيه، أو إدخال أساليب شُرَطيّة جديدة أو إشراك الشاباك في ضبط الأمن في المجتمع العربيّ.

احتمال لزيادة عدد الضحايا من المواطنين الفلسطينيّين فقد أعرب الوزير بن غـفـير عدة مرات عن نيته تغيير تعليمات إطلاق النار وحماية “رجال الشرطة والمقاتلين” في العمليات الميدانية. بعبارة أخرى، هو يهدد بوقوع قتلى فلسطينيّين بأيدي الشرطة الإسرائيليّة.

يذكر أن الكنيست أقر في الـ 11 من كانون الثاني الجاري، مشروعَ قانون سحب المواطَنة من مواطنين يُدانون بأعمال إرهابيّة (بحسب تعبير مقدِّمي الاقتراح)، وهو ما يتناقض مع القانون الدوليّ. حتّى في هذه الحالة، يُحرَم المواطنون من اللجوء إلى المحاكم في محاولة لمنع تطبيق هذا القانون بسبب خطة لاﭭـين.

الوزير بن غـفـير هو الوزير المسؤول عن ملفّ ما يسمّى “تطوير النقب والجليل” (وذاك مصطلح يستخدَم قاصدين به: تهويد النقب والجليل). من المتوقع أن ينفّذ الوزير سياسة تهدف إلى تنمية وتوسيع البلدات اليهوديّة فقط، وستُمنع البلدات العربيّة من هذا، وهو ما يتماشى مع بنود قانون القوميّة. كذلك في هذه الحالة سيكون من الصعب على البلدات العربية التوجه إلى المحاكم لمنع التمييز والعنصريّة.

الحق بالهوية والانتماء

كما ينبه “مدى الكرمل” إلى أن حكومة الاحتلال الجديدة ستعمل على قمع هوية وانتماء المواطنين الفلسطينيين، وفعلا قام بن غـفـير، بخلاف القانون، بإصدار أوامر لقيادة الشرطة تمنع رفع الأعلام الفلسطينيّة في الأماكن العامّة.

ويتوقع كذلك أن يزداد التمييز ضدّ جهاز التعليم العربي، وأن يجري إحكام السيطرة على محتويات برامج التعليم، ومحاولة صَهْيَنة هذا الجهاز، ولا سيّما في برامج التعليم اللامنهجيّ تحت إشراف نائب الوزير آﭬـي معوز، رئيس حزب “نوعَم”.

زيادة التمييز في ميزانيات السلطات المحلية العربية، وجهاز التعليم العربي، وتقليص ميزانية البرنامج الاقتصاديّ التي أُقِرّت للمجتمع العربيّ، على نحو ما نجد في خطّة تقدُّم 550، على سبيل المثال.

يتوقع “مدى الكرمل” أيضا أن تبدأ الحكومة الجديدة بتفعيل رقابة صارمة في مجال الثقافة والفنون، ابتغاء إخضاعها لقيم اليمين المتطرّف وصهينة المضامين ويقدم مثلا على ذلك بالقول: “رأينا بدايات لهذا التوجه الأسبوع الماضي عندما أمر وزير الثقافة ميكي زوهَر إلغاء ميزانيّات أنشطة ثقافيّة لا تتماشى مع الرواية الصهيونيّة، مثل طلبه بإرجاع الدعم المقدَم لفيلم “طفلان في اليوم” للمخرج ديـﭬـيد ﭬـاكسمان، الذي يتناول موضوع اعتقال القاصرين في الضفّة الغربية، بذريعة أن الفيلم “يصور جنود الجيش الإسرائيلي على أنهم يؤذون الأطفال، ويجري تقديم الإرهابيين كضحايا”.

وينبه “مدى الكرمل” أيضا إلى أن تقليص صلاحيَات جهاز القضاء، ومنعه من إمكانية مراجعة القرارات والسياسيات، سيسهلان عملية سن القوانين والسياسات العنصريّة تجاه الفلسطينيّين في إسرائيل؛ التعيين السياسيّ للقضاة سيملأ جهاز القضاء والمحاكم بقضاة موالين لمعسكر اليمين؛ وسيتأثّر تعيين القضاة العرب تأثرا بالغا، إذ سيجري اختيار القضاة على أساس اختبارات الولاء لا على أساس الكفاءات. ويضيف: بذا سيحاول اليمين استكمال الهيمنة على المجتمع وصنع القرار ومؤسسات النظام، الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيير جِدي في قواعد اللعبة السياسيّة على نحوٍ أساسيّ تجاه الفلسطينيّين في إسرائيل.

زوارنا يتصفحون الآن