2 نوفمبر، 2023 5:09 مساءً
لوجو الوطن اليوم
هل يقترب الجنيه المصري من انخفاض جديد؟ خبراء يجيبون
هل يقترب الجنيه المصري من انخفاض جديد؟ خبراء يجيبون

يترقب التجار والمتداولون في البورصة المصرية أن تنخفض قيمة الجنيه المصري قريبا، بحسب ما ذكرته وكالة (بلومبرغ) الأميركية، الاثنين.

ويأتي ذلك بعد تحذيرات بعض بنوك وول ستريت العالمية من أن الضغوط المتزايدة على العملة المحلية قد تجبر البنك المركزي قريبًا على السماح بتخفيض آخر لقيمة الجنيه.

ووفقا لتوقعات عدد من الشركات الأميركية والعالمية في وول ستريت، فإن تخفيض قيمة الجنيه أصبح وشيكا في مصر التي تواجه طلبا متزايدا على الدولار.

وقد يضطر البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 300 نقطة أساس عندما يجتمع في وقت لاحق من مارس الجاري، بعد أن تجاوز التضخم في فبراير التوقعات بكثير، بحسب (بلومبرغ).

التوترات في السوق المصري التي تشير إلى توقعات تخفيض قيمة العملة رصدتها “بلومبرغ” من خلال مؤشرين، الأول يتمثل في خسائر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لأجل شهر و١٢ شهرا على العملة للأسبوع العاشر. والثاني هو تداول شهادات إيداع البنك التجاري الدولي- مصر (CIB) في بورصة لندن بانخفاض ١٤ في المئة عن قيمة أسهم البنك في البورصة المصرية.

كما تحدثت الوكالة عن أن مصر تواجه صعوبات من جديد للإفراج عن واردات بمليارات الدولارات ظلت محجوزة في موانئها، وأدى ذلك إلى تراكم الطلب على العملة الصعبة.

ويُقدر الطلب المتراكم في الوقت الحالي بنحو 4 مليارات دولار، بعدما كان يبلغ 2.5 مليار دولار في يناير، وفقا لـ”بلومبرغ” التي تحدثت كذلك عن التدهور في ثقة المستثمرين في الجنيه المصري، مشيرة إلى أن الودائع بالعملة الأجنبية سجّلت أكبر زيادة في يناير منذ يوليو الماضي.

وأوضحت الوكالة أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لم تكن كافية، ما أدى إلى توقف الصفقات وأدى إلى ضعف أداء السندات المصرية. وأكدت أن قيمة الجنيه لن تتوقف عن التراجع بدون المزيد من المرونة في إجراءات الصرف وتدفقات استثمار أقوى.

وذكرت (بلومبرغ) أن التزام مصر بوعودها في الانتقال إلى سعر صرف مرن ساعدها في إبرام صفقة بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي. لكن الحكومة ستضطر مرة أخرى قريبا إلى خفض قيمة الجنيه الذي يعاني وضعا صعبا منذ أسابيع بسبب الارتفاع الشديد في معدلات التضخم، خاصة بعد ارتفاع أسعار الوقود ومع بقاء أيام فقط على قدوم شهر رمضان المبارك.

ونقلت (بلومبرغ) عن خبراء اقتصاديين قولهم إن مصر ستحتاج إلى تخفيف قبضتها على الجنيه “عاجلاً وليس آجلاً”.

واتفق الخبراء على أن “الحكومة المصرية لا تزال تحرك العملة المحلية، وهذا ليس ما يريده الصندوق أو مديري ديون الأسواق الناشئة. ولا أحد يريد التداول على عملة ضعيفة تحاول حكومتها إعطائها قيمة أعلى من حقيقتها، وهذا هو ما يتسبب في ارتفاع التضخم لعدم حصول مصر على أي تدفقات رأسمالية”.

أكثر من تخفيض قادم

ومن جانبه، اتفق الخبير الاقتصادي، كريم سلام، مع توقعات (بلومبرغ) بشأن اقتراب موعد انخفاض جديد للجنيه خلال مارس الجاري، كما توقع حدوث تخفيضا آخر خلال الثلاث أشهر المقبلة أيضا.

وتوقع في حديثه لموقع (الحرة) أن يتجاوز سعر صرف الجنيه بعد التعويم المقبل حاجز الـ٣٥ جنيها لكل دولار.

وقال الخبير الاقتصادي إن تعويم الجنيه سيتكرر طالما لم تحدث قرارات اقتصادية سليمة. وتوقع أن “ينخفض الجنيه مباشرة ليصل الدولار إلى 37 جنيها بنهاية يونيو القادم، وقد يتعداها”.

وأبدى سلام تشاؤما في نظرته المستقبلية للأزمة الاقتصادية في مصر، وتوقع أن تتجاوز قيمة الدولار ٥٠ جنيه مصريا بنهاية العام الجاري، وشكك في أن تكون لدى إدارة السياسات النقدية المصرية القدرة على إصلاح الوضع قريبا.

وتحدث الخبير المصري عن أسباب تكرار خفض قيمة الجنيه، موضحا أن مصر تحتاج إلى ما يقرب من ٨.٥ مليارات دولار لتسديد أقساط وفوائد الديون الخارجية حتى نهاية يونيو المقبل، وليس لديها مصادر دخل بالعملة الأجنبية تكفي تسدي هذه الديون، وفي الوقت نفسه يزداد الطلب على الواردات التي تستهلك العملة الأجنبية المتوفرة في مصر.

هذا الرأي اتفق مع أستاذ الاقتصاد بالجامعة البريطانية في مصر، مصطفى عبدالكريم، موضحا لموقع “الحرة” أن المؤشرات الاقتصادية تؤكد تكرار عمليات تخفيض قيمة الجنيه، متوقعا انتعاش السوق السوداء وتجارة العملة.

المواطن المصري يدفع الضريبة

وعن مدى تأثير تكرار التعويم على الأسعار ومدى قدرة المواطنين في مصر على تحمل في هذا الوضع، قال سلام إن معاناة المصريين ستتفاقم نتيجة لارتفاع أسعار السلع المستوردة بعد خفض الجنيه، متوقعا زيادة معدلات الفقر. وأوضح أن “المواطن المصري هو من يدفع بمفرده ضريبة الفشل الحكومي”.

ومن جهته، تحدث عبدالكريم عن مدى تأثر قدرة المواطن المصري بالتعويم القادم، قائلا إن أكثر ما يسبب غضبا للمصريين حاليا هو سوء الإدارة والتخطيط من قبل الحكومة وليس فقط ارتفاع الأسعار.

وأشار إلى غضب قطاع واسع من الشعب بسبب قرارات الحكومة في بيع الشركات والأصول المملوكة للدولة والتي تمثل قيمة اقتصادية وأمنية بدون تقديم أي شرح يوصف الحالة والأسباب للشعب الغاضب، الذي لا يرى أي ثمار لعمليات البيع.

وأعطى أستاذ الاقتصاد مثالا على سوء الإدارة والتخطيط الحكومي، قائلا إن الشركة الإماراتية التي اشترت شركة أبو قير للأسمدة أعلنت تحقيقها أرباحا كبيرة بالدولار في الربع سنوي للعام الجاري بما يتجاوز ضعف ما حققته الشركة في الفترة نفسها من العام الماضي عندما كانت تحت ملكية الحكومة المصرية”.

وأكد أن “كل ما يحدث في مصر هو سوء إدارة وتخطيط وشفافية”.

وانتقد عبدالكريم “استمرار الحكومة وتصميمها على تنفيذ المشاريع غير المجدية والتي لا تأتى ضمن أولويات المرحلة، وعلى رأسها المشاريع العمرانية في العاصمة الإدارية”.

الحلول في يد الحكومة

ولا يجد سلام سوى حلا واحدا أمام الحكومة الحالية للخروج من هذه الأزمة، يتمثل في ضرورة تشجيع التصنيع المحلي وتوطين الصناعات والزراعات الأساسية من الأغذية والأدوية، لأن زيادة الإنتاج المحلي ستخلق بديلا للمنتجات الأساسية أمام المصريين وبالتالي تقلل من معاناتهم.

وهذا الرأي اتفق معه عبدالكريم، موضحا أن الحلول التي يراها ممكنة للخروج من الأزمة الحالية يأتي على رأسها ضرورة ترشيد الإنفاق الحكومي لمحاولة إيقاف التدهور الشديد في قيمة الجنيه ولتهدئة الشعب الغاضب الذي يتحمل نتائج سوء التخطيط والإدارة ضرورة الإنفاق الحكومي.

(الحرة)

زوارنا يتصفحون الآن