3 نوفمبر، 2023 2:04 مساءً
لوجو الوطن اليوم
العلاقات العربية الصينية.. من خانة المستهلك إلى حقبة استراتيجية جديدة
العلاقات العربية الصينية.. من خانة المستهلك إلى حقبة استراتيجية جديدة
العلاقات العربية الصينية.. من خانة المستهلك إلى حقبة استراتيجية جديدة

على مدار الأعوام الماضية، ارتبطت كل من الصين والدول العربية بعلاقة وثيقة، لكنها كانت دائماً تصب في جهة الاستهلاك من الطرفين، فالصين المستهلك الأكبر عالمياً للنفط، بينما تعتمد الدول العربية على المنتجات الصينية في مختلف جوانب الحياة، بخاصة الإلكترونيات.

لكن القمة الصينية – العربية في الرياض تستهدف تطوير هذه العلاقة من خانة الاستهلاك، إلى خانة التكامل الاستراتيجي الأكثر عمقا. وتعد الصين الشريك التجاري الأول للمنطقة العربية، فيما نجدها بين أبرز 3 شركاء على لائحة كل دولة عربية على حدة. وفي المقابل، فإن الدول العربية مجتمعة تعد بين أكبر 5 شركاء تجاريين عالميا للصين.

وفي ذروة أزمة كورونا عام 2020، ورغم تراجع التجارة العالمية، بلغ إجمالي حجم التجارة بين الدول العربية والصين نحو 240 مليار دولار، من بينها واردات للدول العربية بنحو 123 مليار دولار.

ووفقا لبيانات إدارة الجمارك الصينية الصادرة الشهر الماضي، بلغت واردات الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، 43.14 مليون طن في شهر تشرين الأول (أكتوبر)، ما يعادل 10.2 ملايين برميل يومياً، أو ما يمثل 10 في المئة من الإنتاج العالمي. ومن بين هذه الواردات، تقوم السعودية وحدها بمهمة توريد متوسط مليوني برميل يومياً إلى الصين، إضافة إلى واردات العملاق الصيني النفطية الكبيرة من كل من سلطنة عمان والإمارات والكويت، وكذلك كم كبير من الواردات الخاصة بالغاز المسال من قطر.

وعلى الجانب الآخر، تعد الإمارات السوق الأول للمنتجات الصينية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تقوم بإعادة تصديرها إلى دول العالم العربي.

وبالإضافة إلى المبادلات التجارية، استثمرت الشركات الصينية أكثر من 107 مليارات دولار في دول مجلس التعاون الخليجي الست خلال الفترة بين 2005 و2022، بحسب أرقام صادرة عن معهد “أميركان إنتربرايز”. والحصة الأكبر من هذه الاستثمارات ومشاريع البناء كانت في السعودية، أكبر اقتصاد في العالم العربي، بقيمة تصل إلى 49,6 مليار دولار في الفترة ذاتها.

وتأتي السعودية في المركز الثاني عشر من بين أكثر الدول المستثمرة في الصين في عام 2019، حيث تم استثمار 2,3 مليار دولار، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

تطوير العلاقات

في مطلع الشهر الجاري، أصدرت وزارة الخارجية الصينية تقريرا معمقا حول “التعاون الصيني – العربي في عصر جديد”، أكدت فيه أن بكين “شريك استراتيجي وصديق مخلص”، سيلعب دوراً بناءً في الشرق الأوسط ويتجنب القيام بأي شيء يمس “مصلحته الجيوسياسية”.

وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ إن زيارته الرياض تمهد لما وصفها بأنها “حقبة جديدة” في العلاقات. ونقلت وزارة الخارجية عن شي قوله: “تتطلع الصين إلى العمل مع السعودية والدول العربية لتحويل القمتين إلى علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية – العربية والعلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والارتقاء بهذه العلاقات إلى آفاق جديدة”.

وأكد الرئيس الصيني أن الدول العربية والصين يمكنها تحقيق التكامل الاقتصادي والصناعي، وتعزيز الشراكة ودفع التنمية. وقال إن ثمة تواصلاً صينياً مع مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته، وإن المجلس نجح في تخطي التحديات العالمية، مشدداً “على مواصلة الدعم الثابت لأمن الخليج”.

وأكد شي مواصلة الصين استيراد النفط بكميات كبيرة من دول الخليج، وأعرب عن ترحيبه بمشاركة الدول الخليجية في مبادرة “أمن الخليج”، لافتاً إلى “أن بلاده ستعمل على إنشاء المركز الخليجي الصيني للأمن النووي”. وتابع: “نعمل سوية على تحقيق مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى”، مشيراً إلى أن الصين ستتعاون مع دول الخليج في الاستثمار بالطاقة النظيفة.

وكشف الرئيس الصيني عن خطط إنشاء مجلس استثمار مع دول الخليج، ولفت إلى تضافر الجهود مع دول المنطقة لتفعيل نظام المدفوعات بالعملات المحلية. وقال إنه يتعين على الصين ودول الخليج الاستفادة الكاملة من بورصة شنغهاي للبترول والغاز كمنصة لتسوية تجارة النفط والغاز باليوان.

واقترح شي مجالات مختلفة للتعاون في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، بما في ذلك الطاقة والتمويل والاستثمار والابتكار والتقنيات الجديدة، فضلاً عن الفضاء والثقافة.

محاور متعددة

ومن جهة أخرى، أكدت الصين والسعودية في بيان مشترك، الجمعة، أهمية استقرار أسواق النفط العالمية والدور السعودي لتحقيق هذا. وقال البيان إن الجانبين سيبحثان فرص الاستثمارات المشتركة في قطاع البتروكيماويات وتعزيز التعاون في الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة النووية، ومشاريع سلاسل إمداد الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة.

وأعلنت “أرامكو” السعودية، يوم الجمعة، توقيع مذكرة تفاهم مع شركة “شاندونغ إنرجي” الصينية، تضمنت اتفاقاً محتملاً لتوريد النفط الخام وصفقة منتجات كيماوية. وأضافت أن الشركتين بحثتا سبل التعاون في مجال التكرير والبتروكيماويات في الصين.
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن البلدين سيعززان التعاون في سلاسل إمدادات الطاقة عن طريق إنشاء مركز إقليمي في المملكة للمصانع الصينية.

وذكرت وسائل إعلام سعودية حكومية، أن الزيارة شهدت توقيع اتفاقيات بنحو 29,3 مليار دولار في مجالات عدة، في وقت تريد فيه الصين تعزيز اقتصادها المتضرر من فيروس كورونا، بينما يسعى السعوديون، حلفاء الولايات المتحدة التاريخيون، إلى تنويع تحالفاتهم الاقتصادية والسياسية.

وقبل القمة، قال دبلوماسيون إن الوفد الصيني سيوقع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع دول عدة، بالإضافة إلى السعودية التي وقعت مذكرة تفاهم مع شركة “هواوي” بشأن الحوسبة السحابية وبناء مجمعات عالية التقنية في المدن السعودية.

تطلعات كبرى

وتتطلع صناديق الثروة السيادية في دول الخليج أيضاً إلى التوسع في آسيا. وأطلق صندوق “مبادلة” السيادي الإماراتي عام 2015 صندوقاً مشتركاً مع شركتين صينيتين بقيمة 10 مليارات دولار.

كما سعت دول الخليج إلى توسيع شراكاتها مع بكين لتشمل مجالات غير الطاقة، مثل الأسلحة والتكنولوجيا. وفي شباط (فبراير) الماضي، أعلنت الإمارات اعتزامها طلب 12 طائرة عسكرية من الصين، بعد أسابيع من تهديدها بإلغاء صفقة ضخمة لشراء طائرات مقاتلة أميركية من طراز “اف-35″، احتجاجاً على الشروط الصارمة.

وفي مسعى من دول الخليج لتخفيف اعتمادها على النفط، لجأت إلى التقنيات الصينية لتطوير الجيل الخامس أو بناء مدن ذكية. وحصلت شركة “هواوي” الصينية العملاقة للاتصالات على عقود في المنطقة، رغم تحفظات الدول الغربية التي تندد بروابطها مع الجيش الصيني وخطر استخدامها لأغراض الرقابة.

زوارنا يتصفحون الآن